الطمع والغضب والجهل هي السموم الأساسية الثلاثة في البوذية، والتي تُعرف باسم “السموم الثلاثة”، وهي جذر كل المعاناة والشقاء في الحياة.
الطمع:
“الطمع” هو الجشع والرغبة المفرطة والافتتان بالشهوات وحب امتلاك المزيد من الأشياء التي يحبها المرء مثل المال والجمال والشهرة… فالطمع لا يعرف الشبع، وكلما تم إشباعه ازداد. الطمع للنفس، ثم الطمع للأقارب، ثم الطمع للوطن والمجتمع. وبسبب الطمع، يتقاتل البشر ويتصارعون. الطماع يغار من الناجحين.
إذا كان لديك طمع، فعليك “تهذيب النفس” على الفور، وممارسة “قناعة النفس”. قناعة النفس هي الرغبة في القليل، والرضا بما يكفي. الشخص القنوع يعيش حياة بسيطة وراقية وآمنة لأنه راضٍ بما لديه. قلل من الطمع للوصول إلى “انعدام الطمع”. انعدام الطمع هو عدم الجشع.
في الحياة، هناك خمس ملذات يرغبها الناس أكثر من غيرها: المال، والجمال، والشهرة، والأكل، والنوم. هذه “الملذات الخمسة”، في الواقع، متعتها قليلة ومعاناتها كثيرة. من يطمع في المال سيعمل بجهد كبير، وفي بعض الأحيان يستخدم وسائل غير مشروعة للحصول عليه، وعندما يفقده سيعاني. بالنسبة للجمال، يجب أن نتأمل في أن الجسد فاسد، فالطمع في الجمال قد يؤدي إلى ارتكاب أفعال شريرة لإرضاء الرغبات. من يطمع في الشهرة والسلطة سيضطر إلى الخضوع والكدح. من يطمع في تناول الطعام والشراب اللذيذ سيعاني من أمراض صعبة العلاج، وسيتعب جسده، ولن تعمر حياته. من يطمع في النوم سيبطئ عقله. هذه الملذات الخمسة هي أسباب تقييد حياة الإنسان بدورة الولادة والموت والتدهور.
تُحكى قصة رجل غني لم يكن لديه أطفال، ومات تاركًا وراءه ثروة طائلة. أمر الملك بإضافة ثروته إلى خزينة الدولة وذهب لمقابلة بوذا. أخبر الملك بوذا بالقصة ولاحظ أنه على الرغم من أن الرجل الغني كان يعيش بالقرب من بوذا، إلا أنه لم يقدم له صدقة قط. اغتنم بوذا هذه الفرصة ليحكي عن حياة الرجل الغني السابقة، حيث كان قد فعل الخير من خلال التبرع لبوذا آخر، لكنه ندم على تبرعه وارتكب جريمة قتل ابن أخيه للاستيلاء على ميراث أخيه. لذلك، علّم بوذا أن الثروة والممتلكات لا تضر إلا الجاهل.
الغضب:
“الغضب” هو نوبة غضب، حنق، وسخط، وكراهية عندما لا يكون المرء راضيًا أو لا يحصل على ما يريد. عدم الرضا بسبب الإهانة، مما يؤدي إلى ارتكاب أفعال خاطئة. بعد نوبة الغضب، يبقى الحقد والبحث عن فرصة للانتقام.
ينشأ الغضب بسبب حب “الذات” أو حب “ما نملك”. إذا شتم الناس أو انتقدوا شخصًا آخر، فلن نشعر بالغضب، ولكن إذا شتم أو وبخ شخص ما أو أضر بممتلكاتنا، فسوف نشعر بالاستياء على الفور. عندما يزداد الاستياء، يتحول إلى غضب. لكن يجب أن نتذكر أنه لا أحد في هذا العالم يمكنه تجنب اللوم أو النقد، ولا يمكن تجنب كلام الناس.
يجب تهذيب النفس للوصول إلى “انعدام الغضب”. انعدام الغضب هو عدم الانفعال وعدم الغضب. الكائنات الحية تعاني من دورات متعددة من الولادة والموت بسبب عدم قدرتها على التغلب على الغضب. لقد تحرر بوذا بسبب القضاء على الغضب من جذوره. أصعب شيء هو القضاء على الغضب من القلب. عندما لا يفكر عقلنا في الغضب، فإن الغضب لن يندلع بشكل طبيعي.
الجهل:
“الجهل” هو الضلال والغباء. الشخص الجاهل لا يفكر بوضوح، ولا يفهم الحقائق للتمييز بين الخير والشر، والصواب والخطأ، والفائدة والضرر… لذلك يفعل أشياء خاطئة تضر بنفسه وبالآخرين. الجهل، في المصطلحات الدنيوية، يسمى “الغباء”. الجهل يحجب العقل، ويجعل الإنسان لا يرى الشرور التي تنخر داخله، مما يؤدي إلى زيادة الرذائل وفي النهاية يدفع الإنسان إلى طريق الخطيئة المستمر. علّم بوذا أن الجهل هو أسوأ أنواع النجاسة. تخلص من الجهل لتصبح شخصًا طاهرًا.
عادةً، لا يخاف الناس من ظهور “الطمع” و “الغضب”، بل يخافون من بطء إدراكهم، ويخافون من جهلهم وضلالهم. إذا ظهر “الطمع” و “الغضب”، وتمكنا من التفكير بوضوح في الوقت المناسب، دون جهل، فلن يؤثر الطمع والغضب علينا. يجب على من يتعلم البوذية أن يتخلص من الجهل، وأن يكون دائمًا واعيًا بكل شيء، وأن يَهذِّب نفسه للوصول إلى “انعدام الجهل”. انعدام الجهل هو عدم الغموض وعدم الضلال. في جميع الأمور، يجب أن يكون لدينا حكمة وبصيرة، وأن نفكر ونتأمل في الأمور الجيدة والسيئة، والصواب والخطأ… وبالتالي، ستكون أعمالنا صحيحة، وسنتجنب الأضرار، وسنستفيد أنفسنا والآخرين، في الحاضر والمستقبل.