ما هو اللاوعي؟

اللاوعي مصطلحٌ لا ينتمي إلى مدرسة التحليل النفسي. يشير بشكلٍ عام إلى جزء أو حالة من العقل حيث تُخزَّن التجارب والمعارف والمهارات والذكريات والمشاعر البشرية، لكنها تقع خارج نطاق الوعي المباشر.

يُمكن القول أن اللاوعي يُشابه إلى حدٍّ كبير العقل الباطن. مع ذلك، يجب فهم “خارج نطاق الوعي” هنا بمعنى واسع، فهو لا يشمل فقط ما لا تعرفه، بل يشمل أيضًا ما تعرفه لكنه لا يتطلب تدخلاً من وعيك أو إدراكك الواعي.

يعمل اللاوعي بناءً على الوعي المبدئي. بمرور الوقت، عندما تصبح الأمور مألوفة وأكثر إتقانًا، تنتقل إلى منطقة اللاوعي. تخيل أنَّ الوصول إلى منطقة الوعي، ينتقل العقل الباطن من الأسفل إلى ما قبل الوعي ثم إلى الوعي. في حين أن اللاوعي هو مكان لتخزين التجارب والمعارف والأفكار التي ينقلها الوعي إليه.

على سبيل المثال، عندما تبدأ بتعلم قيادة السيارة، ستُركز كل وعيك تقريبًا على عملية القيادة. حتى تصبح القيادة أكثر إتقانًا، عندها لن تحتاج إلى تدخل الوعي، وستحدث عملية القيادة بسهولة.

مثالٌ آخر، عندما تقود سيارتك إلى المنزل على طريقٍ مألوف، لن تحتاج إلى التفكير كثيرًا في الطريق الذي يجب أن تسلكه، أو أين تنعطف يسارًا أو يمينًا، بل ستتصرف تحت سيطرة اللاوعي، أو ما يُسمى بالعادات التلقائية.

هذان المثالان يوضحان حالة العقل “خارج نطاق الوعي”، وهما أيضًا مثالان لتوضيح مفهوم اللاوعي وكيفية عمله.

كيف نستكشف اللاوعي؟

بحسب معلومات من MBG Mindfulness، نظرًا لأن اللاوعي يقع خارج نطاق الوعي، يعتقد الخبراء أن الوصول إلى اللاوعي واستكشافه يُتيح لنا فرصة التعرف على أفكارنا ومعتقداتنا وعاداتنا وردود أفعالنا التلقائية.

علاوة على ذلك، يُعد استكشاف اللاوعي فرصة لفهم أنفسنا بشكلٍ أفضل، وفهم سبب تفكيرنا ومشاعرنا وتصرفاتنا، كنوع من ردود الفعل التلقائية.

للولوج إلى اللاوعي، يمكنك تجربة الطرق التالية:

• أولاً، يجب أن تُقرَّ بأنَّ هناك دائمًا صوتًا يُثرثر تلقائيًا في عقلك ونادرًا ما يتوقف. يكفي مجرد الاعتراف بذلك.
• ثانيًا، اسمح لعقلك بالاسترخاء والعمل بحرية. تمامًا كما هو الحال في حالة اليقظة الذهنية، دع عقلك يتجول بحرية، فقط كن على دراية به.
• اطرح أسئلة على نفسك واطلب منها تقديم إجابات محددة قدر الإمكان، حول أي موضوع.

على سبيل المثال، اسأل نفسك: “هل أنت على استعداد لمساعدة السيد (أ) في العثور على وظيفة؟” إذا كانت الإجابة “نعم”، فاسأل نفسك “كيف يمكنني المساعدة؟” واطلب من نفسك تحديد الإجراءات المحددة قدر الإمكان (مثل المساعدة في البحث عن وظيفة، أو تصميم سيرة ذاتية، أو إجراء مقابلة تجريبية).

أو على العكس من ذلك، إذا كنت لا ترغب في المساعدة، لأن السيد (أ) يعمل في وظيفته الحالية منذ بضعة أشهر فقط؛ لأنك تعتقد أنَّه يجب على الشخص العمل لمدة 5 سنوات على الأقل قبل تغيير وظيفته (وهذا نوع من المعتقدات التي تستند إلى تجربتك ومعرفتك). في هذه الحالة، حاول التفكير في سبب تصرفك بهذه الطريقة، وكيف تشكل هذا المعتقد ومتى، وهل تعلمته من شخصٍ ما، أو من تجاربك الحياتية. ولكن لتتمكن من تفسير وفهم هذه الأمور بسهولة، يُنصح بكتابتها على ورقة ثم ربطها جميعًا معًا. سيمنحك ذلك نظرةً عامة على معتقداتك وأسباب تصرفاتك.

عندما تبدأ بالفضول وطرح الأسئلة حول اللاوعي، فهذا يدل على أنك في طريقك لاكتشافه.

كيف نفرّق بين العقل الباطن، وما قبل الوعي، والوعي، واللاوعي؟

• العقل الباطن: هو جزء من العقل يحتوي على أفكار وذكريات ورغبات تقع خارج نطاق الوعي، وغالبًا ما تكون مكبوتة وليس من السهل الوصول إليها. وفقًا لنظرية جبل الجليد لسيجموند فرويد، فإن العقل الباطن هو الجزء الأعمق من جبل الجليد.
• ما قبل الوعي: هو جزء من العقل يُخزِّن الأفكار التي تحدث قبل الوصول إلى الوعي (ينتقل من العقل الباطن إلى الأعلى). يمكنك تخيل ما قبل الوعي كبوابة للوعي، حيث يحتوي على أفكار وذكريات ومشاعر يمكن إحضارها إلى الوعي بسهولة. على سبيل المثال: أنت لا تحاول تذكر رقم هاتفك بنشاط، لكن يمكنك تذكره بسهولة في أي وقت.
• الوعي: هو حالة العقل عندما نكون مدركين لأفكارنا ومشاعرنا والبيئة المحيطة بنا. على سبيل المثال: أنت تقرأ هذه المقالة وتفهم الموضوع الذي تتناوله، وتفهم محتواها، هذا هو الوعي.
• اللاوعي: هو حالة من العقل تقع بين الوعي والعقل الباطن، ويُخزِّن العادات والسلوكيات التلقائية وردود الفعل المشروطة. ومع ذلك، فإن هذا المصطلح لا ينتمي إلى مدرسة العلاج بالتحليل النفسي.

بشكلٍ عام، لم يأتِ استخدام هذه المصطلحات لاستبعاد بعضها البعض أو التمييز بينها بشكلٍ قاطع، بل تُستخدم لدعم بعضها البعض، للمساعدة في توضيح كيفية عمل وحالات العقل.

ملاحظة

عند البحث عن مفهوم اللاوعي، قد تجد اختلافات بين مصادر المعلومات. ومع ذلك، فإنَّ حدوث هذه الاختلافات أمرٌ طبيعي، لأنَّ اختلاف المنهج النظري سيؤدي إلى اختلاف في المفهوم والتعريف.

الخلاصة

من الناحية النفسية، وفقًا لقاموس جمعية علم النفس الأمريكية (APA)، نادرًا ما يستخدم علماء النفس مصطلح اللاوعي (subconscious mind)، لأنه غالبًا ما يُستخدم بشكلٍ مشابه ويُخلط مع العقل الباطن.

باختصار، اللاوعي هو المعلومات والمعارف والخبرات المتراكمة من الوعي، وعندما تصبح مألوفة، يتم نقلها إلى منطقة اللاوعي. نأمل أنَّ هذه المقالة قد ساعدتك في فهم مفهوم اللاوعي وكيفية عمله بشكلٍ أفضل.