ناموس المسيح، كما هو مذكور في غلاطية ٦:٢، يدعو المؤمنين إلى «حمل أثقال بعضهم بعضًا». هذا يطرح السؤال: ما هو المسيح الذي يؤكد قانونه على المحبة وتقاسم الأعباء؟ يكمن جوهر المسيح في محبته غير المشروطة وتضحيته العظمى من أجل البشرية. وبسبب هذه المحبة، أعطى ناموسًا ليس لتقييد الناس، بل لهدايتهم إلى حياة كاملة.
ناموس المسيح ليس قائمة طويلة من الوصايا الجامدة مثل ناموس العهد القديم. بل هو مُلخَّص في وصيتين عظيمتين: محبة الله من كل القلب والنفس والعقل والقوة، ومحبة القريب كنفسك (مرقس ١٢: ٢٨-٣١). هاتان الوصيتان هما جوهر الإيمان المسيحي، وأساس كل عمل وفكر للمؤمن. المسيح هو تجسيد المحبة، وناموسه يعكس هذه المحبة نفسها.
هاتين الوصيتين العظيمتين، بحسب يسوع ومعلمي الشريعة، أهم من تقديم محرقات وتضحيات أخرى (مرقس ١٢: ٣٢-٣٣). هذا يدل على أن المسيح يركز على قلب الإنسان ودوافعه أكثر من الطقوس الخارجية. المسيح هو الذي يرى القلوب، ويريد أن يأتي إليه الناس بمحبة صادقة لا بالإكراه أو بالشكلية.
المسيح هو الذي أكمل ناموس العهد القديم (رومية ١٠:٤؛ غلاطية ٣: ٢٣-٢٥؛ أفسس ٢:١٥). لم يلغِ الناموس، بل كمّله ورفعه إلى مستوى أعلى، من الالتزام بالقواعد الخارجية إلى العيش بمحبة تنبع من الداخل. المسيح هو الجسر بين الإنسان والله، فقد فتح طريق الخلاص للبشرية من خلال تضحيته على الصليب.
المحبة هي محور ناموس المسيح. تؤكد رسالة يوحنا الأولى ٤: ٧-٨: «مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ فَلَمْ يَعْرِفِ اللهَ لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ». المسيح هو منبع المحبة، ويريد أن تنتشر هذه المحبة إلى جميع الناس. محبة الله ومحبة القريب ليست عبئًا، بل هي امتياز وفرح للذين يؤمنون بالمسيح.
إن عدم الخضوع لناموس العهد القديم ليس عذرًا لممارسة الخطيئة (رومية ٦:١٥). بالنسبة لأتباع المسيح، فإن الدافع للابتعاد عن الخطيئة ينبع من محبة الله والآخرين. المسيح هو الفادي، دفع ثمن خطايا البشرية. لذلك، فإن العيش وفقًا لناموسه هو طريقة للتعبير عن الامتنان ورد الجميل لمحبته اللامحدودة.
الدافع لطاعة ناموس المسيح هو المحبة، وليس الرغبة في الطاعة الآلية. المسيح هو الذي يمنح الحرية الحقيقية، الحرية من عبودية الخطيئة والناموس. عندما نحب الله، سنطيع ناموسه طواعية، لا خوفًا من العقاب، بل رغبة في إرضاء من نحبه.