أشباه الموصلات، هي مواد تتميز بقدرتها على توصيل الكهرباء بمستوى متوسط بين المعادن (موصلات جيدة) والعوازل (غير موصلة). تقع المقاومة الكهربائية لأشباه الموصلات بين مقاومة المعادن والعوازل، ويمكن أن تتغير بشكل كبير بتغير درجة الحرارة، والضوء، والمجال المغناطيسي، أو عن طريق إضافة كميات صغيرة من الشوائب. هذه القدرة على تغيير المقاومة تسمح باستخدام أشباه الموصلات في العديد من التطبيقات الإلكترونية المختلفة.
تكمن الخاصية المميزة لأشباه الموصلات في بنيتها الذرية وكيفية ارتباط الإلكترونات ببعضها البعض. في درجات الحرارة المنخفضة، تعمل أشباه الموصلات كعوازل، ولكن مع ارتفاع درجة الحرارة، يمكن لبعض الإلكترونات أن تتحرك بحرية، مما يجعل المادة موصلة للكهرباء بشكل أفضل. إضافة الشوائب، وهي عملية تسمى التطعيم، يمكنها أيضًا أن تزيد بشكل كبير من قدرة أشباه الموصلات على التوصيل. يسمح التطعيم بالتحكم الدقيق في عدد الإلكترونات الحرة، وبالتالي التحكم في موصلية المادة.
رسم تخطيطي لهيكل ذرة شبه موصل
تستخدم أشباه الموصلات على نطاق واسع في تصنيع المكونات الإلكترونية مثل الترانزستورات، والثنائيات، والدوائر المتكاملة (IC)، وأجهزة الاستشعار، ومصابيح LED، والعديد من الأجهزة الإلكترونية الأخرى. الترانزستور، أحد أهم اختراعات القرن العشرين، مصنوع من أشباه الموصلات ويلعب دورًا كمحول، ومضخم، ووحدة تحكم في معظم الأجهزة الإلكترونية الحديثة. الدوائر المتكاملة، أو ما يُعرف بالرقائق، هي مجموعة من ملايين، أو حتى مليارات الترانزستورات والمكونات الإلكترونية الأخرى المُدمجة على قطعة صغيرة من أشباه الموصلات.
تُشكل أشباه الموصلات اليوم أساس معظم التقنيات الحديثة، من الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، والسيارات، إلى أنظمة الطاقة الشمسية والأجهزة الطبية. صناعة أشباه الموصلات هي صناعة عالمية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، بمشاركة العديد من الشركات والدول حول العالم. التطور المستمر لتكنولوجيا أشباه الموصلات يدفع الابتكار والتقدم في العديد من المجالات المختلفة.
أحدث تطور تكنولوجيا أشباه الموصلات تغييرات هائلة في المجتمع البشري. من أجهزة الكمبيوتر الضخمة في السنوات الأولى إلى الأجهزة المحمولة الصغيرة والفعّالة اليوم، ساهمت أشباه الموصلات بدور لا غنى عنه في الثورة التكنولوجية. لقد سمح تصغير رقائق أشباه الموصلات وزيادة أدائها بإنشاء أجهزة أصغر حجمًا، وأسرع، وأكثر توفيرًا للطاقة، وبها ميزات أكثر.
تلعب أشباه الموصلات أيضًا دورًا مهمًا في تطوير تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، وإنترنت الأشياء (IoT)، وتكنولوجيا 5G. يعتمد الذكاء الاصطناعي على قدرة رقائق أشباه الموصلات على معالجة كميات هائلة من البيانات، بينما يربط إنترنت الأشياء مليارات الأجهزة من خلال أجهزة الاستشعار والمعالجات الدقيقة المصنوعة من أشباه الموصلات. تعتمد تقنية 5G، بسرعتها الفائقة في نقل البيانات، أيضًا على تطوير رقائق أشباه الموصلات عالية الأداء. سيستمر تشكيل مستقبل التكنولوجيا من خلال التقدم في مجال أشباه الموصلات. يبحث الباحثون باستمرار عن مواد وتقنيات جديدة لإنشاء رقائق أشباه موصلات أكثر قوة، وأكثر توفيرًا للطاقة، وقادرة على معالجة معلومات أكثر تعقيدًا.